ADV
ADV

الجمعة، 22 نوفمبر 2013

النسخة النهائية من ديباجة دستور 2013

ADV


حصلت «التحرير» على النسخة النهائية من الديباجة التى قدمها الشاعر سيد حجاب إلى لجنة الخمسين، والتى من المفترض أن تناقشها اللجنة فى اجتماعها اليوم السبت، بينما تقدم صلاح فضل عضو لجنة الصياغة بـ«الخمسين» بديباجة أخرى أجرى فيها تعديلات جوهرية على ديباجة حجاب. ويرى عدد كبير من أعضاء اللجنة أن ديباجة حجاب جاءت معبرة عن روح الدستور والظرف الذى كتب فيه.

هذا دستورنا

مصر هبة النيل للمصريين، ومصر هبة المصريين للإنسانية.

مصر -بعبقرية موقعها وتاريخها- تاج على رأس إفريقيا، ومصب لأعظم أنهارها: النيل، والنيل شريان الحياة لمصر والمصريين.

ومصر -بعبقرية موقعها وتاريخها- قلب العالم، فهى ملتقى ثقافته وحضاراته، ومفترق طرق مواصلاته البحرية واتصالاته.

مصر وطن خالد للمصريين، ورسالة سلام ومحبة لكل الشعوب.

فى فجر التاريخ لاح فجر الضمير الإنسانى، وتجلى فى قلوب أجدادنا العظام، فاتحدت إرادتهم الخيّرة، وأسسوا أول دولة مركزية، ضبطت ونظمت حياة المصريين على ضفاف النيل، وأبدعوا أروع آيات الحضارة، وتطلعت أبصارهم للسماوات، قبل أن تتصل السماء بالأرض.

مصر مهد الأديان، ومجدها.

فى أرض مصر شب كليم الله، وتنزلت عليه الرسالة فى طور سينين، واحتضن المصريون السيدة العذراء ووليدها، وقدموا آلاف الشهداء دفاعا عن العقيدة الحقة لكنيسة السيد المسيح، ثم انفتحت قلوبنا لنور الإسلام، فاعتنقناه، وقدمنا الشهداء فى سبيل الله، ونشرنا رسالة الحق وعلوم الدين فى العالمين.

هذه مصر، وطن نعيش فيه، ويعيش فينا.. نحن المصريين.

فى العصر الحديث استنارت العقول وبلغت الإنسانية رشدها، وتقدمت أمم وشعوب على طريق العلم، رافعة رايات الحرية والإخاء والمساواة.

وفى العصر الحديث أسس محمد على الدولة المصرية الحديثة، وعمادها جيش وطنى أنشأه إبراهيم باشا، ورُدت الروح إلى العسكرية المصرية التليدة، ودعا ابن الأزهر «رفاعة» أن يكون الوطن محلا للسعادة المشتركة بين بنيه، وجاهدنا -نحن المصريين- للحاق بركب التقدم، وقدمنا الشهداء والتضحيات، فى العديد من الهبّات والانتفاضات والثورات، حتى انتصرت الإرادة الشعبية فى ثورة 25 يناير - 30 يونيو، التى دعت إلى العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الاجتماعية.

هذه الثورة امتداد لمسيرة نضال وطنى، كان من أبرز رموزه أحمد عرابى، ومصطفى كامل، ومحمد فريد، وتتويج لثورتين عظيمتين فى تاريخنا الحديث:

ثورة 1919، التى أزاحت الحماية البريطانية عن كاهل مصر والمصريين، وأرست مبدأ المواطنة: «الدين لله والوطن للجميع»، ووضع -خلالها- طلعت حرب حجر الأساس للاقتصاد الوطنى، وسعى زعيمها سعد زغلول على طريق الديمقراطية معلنا أن «الحق فوق القوة، والأمة فوق الحكومة».

وثورة 23 يوليو 1952، التى بدأت انقلابا عسكريا قاده الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ورفاقه الأحرار، وسرعان ما حوّلته الإرادة الشعبية إلى ثورة حققت حلم الأجيال فى الجلاء والاستقلال، وأغرقت أطماع الاستعمار القديم فى مياه قناة السويس، وانفتحت مصر على أمتها العربية وقارتها الإفريقية والعالم الإسلامى، وساعدت حركات التحرير عبر القارات، وسارت بخطى ثابتة على طريق التنمية والعدالة الاجتماعية.

ثورة «25 يناير - 30 يونيو» امتداد للمسيرة الثورية للوطنية المصرية، وهى ثورة فريدة بين الثورات الكبرى، بكثافة المشاركة الشعبية التى قُدرت بعشرات الملايين، وبتجاوز الجماهير للنخب والطبقات والأيديولوجيات نحو آفاق وطنية وإنسانية أكثر رحابة، وباستجابة الدولة -بقضائها وشرطتها وجيشها الوطنى- للإرادة الشعبية الجارفة، وبمباركة الأزهر الشريف والكنيسة الوطنية لها.. وهى أيضا فريدة بسلميتها وبطموحها أن تحقق الحرية والعدالة الاجتماعية معا.

هذه الثورة إشارة وبشارة.. إشارة إلى ماض ما زال حاضرا، وبشارة بمستقبل تتطلع إليه الإنسانية كلها.

العالم -فى القرن الواحد والعشرين- يوشك أن يطوى الصفحات الأخيرة من عصر الرشد، الذى مزقته صراعات المصالح بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، واشتعلت فيه النزاعات والحروب، بين الطبقات والشعوب، وزادت المخاطر التى تهدد الوجود الإنسانى، وتهدد الحياة على الأرض، التى استخلفنا الله عليها، وتأمل الإنسانية أن تخرج من عصر الرشد إلى عصر الحكمة، لنبنى عالما جديدا، تسوده الحقيقة والعدل، وتصان فيه الحريات وحقوق الإنسان، ونحن المصريين نرى فى ثورتنا إسهاما فى كتابة تاريخ جديد للإنسانية.

نحن نؤمن إننا قادرون على أن نستلهم الماضى، وأن نستنهض الحاضر، وقادرون أن نلهم المستقبل، وأن نبنى مجتمعا مزدهرا متلاحما، ودولة عادلة تحقق طموحات اليوم والغد، للفرد والمجتمع، وقادرون أن ننهض بالوطن وينهض بنا، ولنا -ولأجيالنا القادمة- السيادة فى وطن سيد.

نحن الآن نكتب دستورا لدولة الثورة، نغلق به الباب أمام أى فساد وأى استبداد، ونعالج فيه جراح الماضى من زمن الفلاح الفصيح القديم، وحتى ضحايا الإهمال وشهداء الثورة ومصابيها فى زماننا، ونرفع الظلم عن بعض فئات شعبنا التى عانت طويلا بسبب موقعها الجغرافى أو خصوصيتها الثقافية، كأهل النوبة والصعيد وسيناء والواحات.

نحن الآن نكتب دستورا لدولة مدنية ديمقراطية حديثة فى مصر.

ومصر جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، تنتمى إلى القارة الإفريقية، وتمتد حدودها فى القارة الآسيوية، وأزهرها الشريف منارة للعالم الإسلامى.. أرضها وحدة واحدة لا تقبل الانقسام أو التجزئة أو الانتقاص منها، ووحدتنا الوطنية مبدأ ثابت من مبادئنا، ونحن نحترم التنوع فى إطار الوحدة الوطنية، ونرى فيه ثراء للهوية المصرية، ونحن نؤمن أن كرامة الفرد مقدسة، وحقه فى حياة كريمة حرة حق أصيل، ونؤمن أن كرامة الوطن من كرامة المواطن، إذ لا كرامة لوطن دون كرامة مواطنيه.

نحن -الآن- نكتب دستورا يفتح أمامنا طريق المستقبل، ويتسق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، التى شاركنا فى كتابتها وصادقنا عليها، ورأى الأزهر الشريف اتفاقها مع مقاصد الشريعة الغرّاء.

نكتب دستورا يصون حرياتنا، ويحمى الوطن من كل ما يهدده أو يهدد وحدتنا الوطنية.

نكتب دستورا يحقق المساواة بيننا فى الحقوق والواجبات دون أى تمييز.

نحن المواطنات والمواطنين، نحن الشعب المصرى السيد فى الوطن السيد، هذه إرادتنا وهذا دستور ثورتنا.

هذا دستورنا.

Advertisements
ADV
ADV
رسالة أحدث رسالة اقدم الصفحة الرئيسية
تعليقات الفيس بوك
0 تعليقات الموقع

0 تعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More